فصل: الفصل الثالث تشريح ما دون القحف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الرابع أشكال الرأس الغير طبيعية التي ليست بطبيعية وما تستحقه من الدروز:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما أشكال الرأس غير الطبيعية فهي ثلاثة.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
الخروج عن الأمر الطبيعي في شكل الرأس وغيره قد يكون بالزيادة وقد يكون بالنقصان وقد يكون بهما معًا وقد يكون برداءة وضع الأجزاء.
أما الخروج عن الأمر الطبيعي بالزيادة فتلك الزيادة إما أن يكون أصلها طبيعيًّا وذلك كما إذا كان أحد النتوءين أو كلاهما أزيد من المقدار المعتدل أو لا يكون أصلها طبيعيًّا وذلك كما إذا ازداد الرأس في جانبه نتوء.
وأما الخروج عن الطبيعي بالنقصان فذلك بالإكليلي كان أشبه بالسهم لأن كونه مستقيمًا وسط قوس من خواص السهم ولا كذلك إذا اعتبر وحده فإنه وإن أشبه السهم في استقامته إلا أن ذلك الشبه ليس خاصًا بالسهم وإنما الخاص به إذا اعتبر متصلًا بالإكليلي.
قوله: والدرز الثالث هو المشترك بين الرأس وقاعدته. المراد من هذا الدرز إنما هو أسافله وأواخره كما نبينه بعد.
ومعنى كلام الشيخ هو مشترك بين الرأس وبين قاعدته من خلف أي إن وأما أعلى هذا الدرز فمشترك بين عظمي القحف والجدار الرابع وهو المثلث ووسطه مشترك بين ذلك الجدار وبين الجدارين اللذين يمنة ويسرة ويسميان الحجرين.
قوله: وأما الدرزان الكاذبان فهما آخذان في طول الرأس على موازاة السهمي الخطان المتوازيان هما اللذان في سطح واحد وإذا أخرجا في كلتا الجهتين بغير نهاية لم يلتقيا.
وكل واحد من هذين القشريين فهو مواز للسهمي فيكونان متوازيين ويفصلان من قدام قوسين متساويين من الإكليلي عن جنبي طرف السهمي من قدام وأما من خلف فيفصلان خطين مستقيمين عن جنبي طرف السهمي من خلف هما الجزء الأعلى من ضلعي اللامي وسطح هذين الخطين غير مواز لسطح الدرز الإكليلي بل هما يتقاربان في تشكلهما وكذلك الأضلاع المتقابلة من أضلاع كل واحد من عظمي اليافوخ غير متساوية وذلك لأن السطح الذي توهمناه قاطعًا للجدار الرابع حين شبهناه في اليافوخ مضر بالرأس لأجل ما يلزمه من احتباس الأبخرة كما قلناه. فلا يمكن أن يكون استواؤهما بعدم الدروز.
ولا يمكن أيضًا أن يكون في كل واحد من الطول والعرض أكثر من درز واحد وإلا كان ذلك سببًا لضعف التركيب فينبغي أن يكون في كل جههة درز واحد هذا إذا كان الرأس كرة حقيقية.
وأما إذا كان طوله أزيد من عرضه فلا شك أن القطر الزائد يستحق زيادة في الدروز فخلق لذلك للطول درزان وللعرض درز واحد كما لو لم يزد الطول لأن العرض لم يحصل فيه ما يغير ما يستحقه من الدروز فلم يمكن أن يخلق الدرزان اللذان للطول في موضع واحد فلا بد وأن يتباعدا تباعدًا لا يلزمه ضعف التركيب وذلك بأن كون أحدهما في المقدم والآخر في المؤخر فإن هذين الدرزين وهما الإكليلي واللامي إنما خلقا لأجل زيادة الطول فإذا انتفت هذه الزيادة وجب أن يفقدا أو أحدهما ولا كذلك الدروز الأخر.
أما المستقيم فلأنه ضروري في تحلل الأبخرة والرياح المتصعدة.
وأما القشريان فليمكن انتفاخهما عند الإفراط في كثرة الرياح والأبخرة فكأن الحاجة إلى هذه الدروز ليست لزيادة بطن أو نقصانه بخلاف الإكليلي واللامي.
وإذا فقد الدرز الإكليلي كان اليافوخ منتهيًا إلى عظم الفك الأعلى وإذا فقد الدرز اللامي كان اليافوخ منتهيًا إلى حيث ينتهي الآن بالجدار الرابع.
وإذا فقدا معًا كان كل واحد من العظمين اللذين يكون أحدهما حينئذٍ إلى قدام والآخر إلى خلف كل واحد منهما منتهيًا إلى حيث ينتهي الآن الجدار الذي هو في تلك الجهة وتكون عظام اليافوخ عندئذٍ أربعة: واعلم أن المداخلات التي في الشؤون تختلف في الناس فمن الناس من تكون فيه قليلة جدًّا حتى تكون شؤونه شبيهة باللزاق.
ومن الناس من تكون فيه كثيرة جدًّا حتى يكون الانفصال مارًا على مواضع كثيرة.
وينبغي أن تكون كثرتها سببًا لصفاء الذهن والحواس ونقاء الأرواح التي في الدماغ لأجل كثرة احلال أبخرته وأدخنته لكثرة سيل ذلك. وكيف كانت هذه المداخلات.
فإنها تكون في باطن العظم أكثر منها في ظاهره وسبب ذلك أن الأبخرة إذا تمكنت أو لًا من النفوذ في العظام أمكنها بعد ذلك الانحلال من مسامها ولا كذلك إذا احتبست أو لًا لقلة الخلل.
ولو كانت المداخلات من خارج أكثر لكانت الزيادة تكون معطلة.
لأن القدر الذي ينفذ من الأبخرة في المداخلات الداخلة يتمكن من النفوذ في مثلها بل في أقل منها من الخارجة وكان يكون مع ذلك التركيب واهيًا. وشؤون مفاصل النساء أميل إلى الاستدارة مما للرجال.
وذلك ليكون تحلل أبخرة رؤوسهن أكثر لأن هذه الأبخرة والأدخنة في رؤوسهن أزيد.
ولذلك شعور رؤوسهن أطول. والله أعلم.

.الفصل الثالث تشريح ما دون القحف:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وللرأس بعد هذا خمسة عظام.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
إن الأطباء مختلفون في عدد هذه العظام وذلك أن منهم من يعد العظم الوتدي من عظام الفك الأعلى لا من عظام الرأس. وهم الأكثر ون وبعضهم يجعله عظمًا واحدًا وهو المشهور.
وبعضهم يجعله عظمين لأنه أيضًا عند هؤلاء مقسوم بنصفين بدرز يقطعه في الطول على موازاة الدرز السهمي وهؤلاء يجعلون عظم الجبهة والجدار الرابع مقسومين أيضًا بنصفين نصفين إذ يجعلون بدن الإنسان كله مقسومًا بنصفين على محاذاة الدرز السهمي وبإزاء هؤلاء من منع ذلك وجعل عظم الفك الأسفل غير مقسوم إلى عظمين بل جعلهما عظمًا واحدًا ومنع اللحام الذي بين جانبيه البتة وأيضًا من الأطباء من يعد عظام الزوج من جملة عظام الرأس ثم اختلفوا في أنها أربعة عظام أو عظمان فقط من كل جانب عظم فلذلك أكثر ما قيل في هذه العظام أنها اثنا عشر عظمًا أعني بذلك ما سوى عظمي اليافوخ من عظام الرأس اثنان وهما العظمان الحجريان واثنان هما عظما الجبهة واثنان هما الجدار الرابع واثنان هما العظم الوتدي وأربعة هن عظام الصدغين وتسمى عظام الزوج.
وأقل ما قيل فيها إنها أربعة هي الجدران وقيل إنها خمسة: هي الجداران والوتدي.
وقيل إنها ستة: هي الجداران وعظام الزوج وهن اثنان.
وقيل إنها سبعة: الجدران والوتدي وعظما الزوج.
وقيل إنها ثمانية: الجداران الأربعة وعظام الزوج وهن أربعة.
وقيل إنها تسعة: الجدران الأربعة والوتدي وعظام الزوج وهي أربعة.
وقيل إنها عشرة: الحجريان وعظما الجبهة وعظما الجدار الرابع وعظما العظم الوتدي وعظما الزوج.
ولم يقل أحد إنها أحد عشر.
فلنشرع الآن في تحديد هذه العظام. ولنحدد أو لًا عظمي اليافوخ فنقول: إن كل واحد من عظما اليافوخ يحده من فوق الدرز السهمي ومن تحت الدرز القشري الذي من جهته ومن قدام القوس من الإكليلي الذي هو يفصله ذلك الدرز القشري من تحت والسهمي من فوق.
ويحده من خلف خط مستقيم هو قطعة من الضلع الذي في تلك الجهة من ضلعي الدرز اللامي يفصله من تحت الدرز القشري ومن فوق الدرز السهمي.
وأما الجدار المقدم وهو عظم الجبهة وقد ذكرنا ما فيه من الخلاف في أنه عظم واحد أو عظمان يفصل بينهما مفصل درز آخذ من طرفي السهمي إلى ما بين الحاجبين.
وكيف كان فإن حد هذا العظم من فوق الدرز الإكليلي ومن تحت درز يمر تحت الحاجبين وينتهي طرفاه عند الدرز الإكليلي من الجانبين وذلك عند حفرتي الصدغين وهذا هو الدرز المشترك بين الرأس والفك الأعلى ومداخلاته قليلة فلذلك يشبه اللزاق. وأما الجدار الرابع وهو عظم مؤخر الرأسين.
وقد ذكرنا أيضًا ما فيه من الخلاف بأنه عظم واحد أو عظمان يفصل بينهما درز آخذ من طرف السهمي إلى منتصف وتر الزاوية التي يحيط بها ضلعا اللامي.
وكيف كان فيحده من فوق الدرز اللامي ومن تحت مفصل الرأس مع الفقرة الأولى وأسفله مثقب وفيه الثقب الذي هو أعظم ثقب في عظام الرأس وهو الذي يخرج منه النخاع.
وقدام هذا الجدار مؤخر العظم الوتدي وهو عظم اسطوا ني الشكل وطرفاه مؤخرهما يتصل بهذا الجدار الرابع بدرز ينتهي من الجانبين إلى الدرز اللامي ومقدمهما يتصل بالفك أحدها: أن يكون حاملًا لعظام الرأس كلها لأنها كلها تتصل به كالمبنية عليه.
وثانيها: أن تسد الخلل الواقع بين أطراف العظام فلا يعرض لشيء منها تقلقل.
وثالثها: أن تكون كالخشبة التي يدعم بها الجدران التي خيف عليها السقوط إلى جانب فتعمل مستندة إلى الجدار من ذلك الجانب ليمنع سقوطه إليه.
وكذلك يفعل بالأشجار ونحوها وتسمى هذه الخشبة في العرف العامي: بالداقور.
وهذا العظم هو كذلك للفك الأعلى لأنه يحفظه عن الميل إلى خلف وخصوصًا عند ضربة تتفق عليه أو سقطة ونحوهما.
ورابعها: أن يتصل به الفك الأعلى وعظام القحف بمفاصل موثقة فيكون بذلك اتصال الفك بتلك العظام اتصالًا محكمًا.
ولهذه المنافع ولأجل أن هذا العظم موضوع حيث تكثر الفضول الرطبة نازلة من الرأس وصاعدة من البدن بخارًا جعل هذا العظم شديد الصلابة.
قال جالينوس: وفي هذا العظم زائدتان شبيهتان بالحاجبين وعن جنبيهما حفرتان.
وأما الجداران اللذان يمنة ويسرة فيتخذ كل واحد منهما من فوق الدرز القشري الذي في ذلك الجانب وأما من خلف فاعلم أن الدرز اللامي بعد اعتراض الدرز الذي بين الجدار الرابع وبين مؤخر الوتدي وهو الذي تقدم ذكره يأخذ منحدرًا من الجانبين ويمر بمفصل الرأس من الفقرة الأولى فإذا انتهى إلى الزاوية التي يوترها الدرز القشري من العظم الحجري صعد مشتركًا بين مقدم العظم الحجري وبين العظم الوتدي.
فإذا اتصل بطرف الإكليلي وذلك عند الموضعين العميقين اللذين في الصدغين رجع منحدرًا إلى أسفل وسنذكر بعد هذا إلى ماذا ينتهي والقدر من هذا الدرز الذي بين هذين الموضعين أعني من التقاطع الواقع بين الإكليلي والدرز المشترك بين الرأس وعظم الجبهة إلى التقاطع الواقع بين اللامي والدرز المعترض.
وهو المشترك بين الجدار الرابع والوتدي لك أن تجعله جزءًا من الدرز اللامي كما قال جالينوس حين عرف هيئة الدرز اللامي.
ولك أن تجعله درزًا آخر متصلًا بطرفي اللامي من خلف وبطرفي الإكليلي من قدام كما هو ظاهر كلام الشيخ ها هنا.
ولك أن تجعله جزءًا من الإكليلي بأن يكون الإكليلي يمتد إلى طرفي اللامي من خلف ولا تختلف في ذلك إلا الأسماء فقط.
وكل واحد من العظمين الحجريين فإنه يحده من خلف الجزء الخلفي من هذا الدرز ويكون مشتركًا بينه وبين العظم الوتدي آخذًا في طول الوتدي.
ويحده من قدام تمام هذا الدرز وهو القدر الذي يصعد منه إلى طرف الإكليلي مشتركًا بين هذا الجدار وبين هذا العظم الوتدي في طول ذلك العظم الحجري وهيئة العظم الحجري هيئة مثلث قاعدته الدرز القشري.
وزاويته عند العظم الوتدي والضلعان المحيطان بهذه الزاوية هما قسما ذلك الدرز الذي تقدم ذكره وكل واحد من هذين العظمين أعني الحجريين قد قسمه المشرحون إلى ثلاثة أجزاء: أحدها: الجزء الذي فيه ثقب الأذن وهو شديد الصلابة يشبه الحجر ولذلك يسمى العظم الحجري وتسمى جملة هذا الجدار بذلك لأن فيه هذا الجزء وإنما زيد في صلابة هذا الجزء ليتدارك بها ما يوجبه ثقب السمع من ضعف الجرم.
فإن قيل: كان ينبغي أن يسمى الجدار الرابع بالحجري أيضًا بل هو أولى بهذا الاسم لأنه أشد صلابة من هذا الجدار قلنا: ليس كذلك لأنه أكثر صلابة من جملة هذا الجدار أعني: الأيمن والأيسر. وليس أزيد صلابة من هذا الجزء منه فيما أظن.
وفي هذا الجزء الزائد الذي يسمى بالميل ويسميها جالينوس بالإبرة.
وقال جالينوس: إن هذا الجزء تحده زائدة الدرز اللامي ويريد بذلك أن هذه الزائدة تحده من قدام وخلف.
وثانيها: الجزء الذي يلي هذا الجزء وهو عند الزائدتين الشبيهة إحداهما بحلمة الثدي والأخرى زائدة العظم الذي يسمى الزوج.
وفائدة الزائدة الحلمية أن تمنع مفصل الفك الأسفل من الانخلاع وهي غير موضوعة خلف ذلك المفصل.
وثالثها: الجزء الذي يتلو هذا وهو في موضع الصدغ.
وهو ألين هذا الجدار والجزء الأوسط بين هذا وبين الجزء الحجري في الصلابة هذا وأما عظام الزوج فهي موضوعة فوق عضل الصدغين وهي من كل جانب عظمان ويفصل بينهما دروز ومنه وقعت التسمية بالزوج وقد خفى هذا الدرز على بعضهم حتى ظن أن في كل جانب عظمًا واحدًا. وهذا الدرز في وسط الصدغ.
وأحد عظميه يلي مؤخر الرأس ويلتحم طرفه بالعظم الحجري والآخر يلي مقدم الرأس ويتصل طرفه بطرف الحاجب عند اللحاظ.
وهذه العظام دقيقة سهلة التجزؤ مما هي ملتصقة به بحيث تنثني بأدنى ضغط يضغطها من أسفل بمثل طرف السكين ونحو ذلك ولها فائدتان: إحداهما: ستر عضل الصدغين.
وإنما اختصت هذه العضل بذلك لأنها قريبة جدًّا من الدماغ. ويلزم ذلك شدة استعدادها للتضرر بما يلاقيها بعنف.
والأمر الثاني: أن تضررها كثيرًا يتأدى إلى ضرر الدماغ.
والمنفعة الثانية: أنها تستر الحفرتين اللتين عند الصدغين فلا يعرض في سطح موضعها ثلمة يكون شكل الوجه منها قبيحًا.
قوله: ويحد كل واحد منهما من فوق الدرز القشري ومن أسفل درز يأتي من طرف الدرز اللامي ويمر به منتهيًا إلى الدرز الإكليلي. وأما جالينوس فقد عرفت قوله فيه.
وليس يريد بكونه يحد هذا الجدار من أسفل أن يكون موازيًا للدرز القشري كما رأينا جماعة يتوهمون ذلك بل إنه يكون كضلعي مثلث يحيطان بزاوية وترها الدرز القشري لأن هذا الجدار شكله كما علمت شكل مثلث.
قوله: ومن قدام جزء من الإكليلي ومن خلف جزء من اللامي.
هذا إنما يصح إذا لم يكن الدرز القشري والدرز المشترك بين عظم الجبهة والفك الأعلى كلاهما في سطح واحد.
بل كان أعلى منه حتى يبقى من الدرز الإكليلي جزء تحت موضع ابتداء الدرز القشري فيكون ذلك الجزء محددًا للعظم الحجري من قدام.
أعني بذلك أن يكون تمام حده القدامي إذ قد بينا أن حده القدامي هو الدرز المشترك بين ضلعه المقدم وبين العظم الوتدي.
وأما عدد الثقوب التي في عظم الرأس فستعرفه في كلامنا في مخارج العصب الدماغي ومداخل الأوردة والشرايين إليه لأن تلك الثقوب هي هذه المداخل والمخارج. والله ولي التوفيق.